فصل: فصل: (الحكم إن أقر من أعيلت له المسألة بمن يسقط العول)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكافي في فقه الإمام أحمد ***


كتاب‏:‏ الفرائض

وهو علم المواريث وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعلمها وحث عليه على الخصوص فروى أبو هريرة‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف العلم وهو ينسى وهو أول شيء ينزع من أمتي‏]‏ رواه ابن ماجة فإذا مات المرء بدئ بكفنه وتجهيزه مقدم على سواه كما يقدم المفلس بنفقته على غرمائه ثم يقضى دينه لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏من بعد وصية يوصي بها أو دين‏}‏ قال علي‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن الدين قبل الوصية رواه الترمذي وابن ماجة ولأن الدين تستغرقه حاجته فقدم كمؤنة تجهيزه ثم تنفذ وصيته للآية ولأن الثلث بقي على حكم ملكه ليصرف في حاجته فقدم على الميراث الدين ثم ما بقي قسم على الورثة للآيات الثلاث في سورة النساء‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أسباب الإرث‏]‏

وأسباب التوارث ثلاثة‏:‏ رحم ونكاح وولاء لأن الشرع ورد بالتوارث بها فأما المؤاخاة في الدين والمولاة في النصرة وإسلام الرجل على يد الآخر فلا يورث بها لأن هذا كان في بدء الإسلام ثم نسخ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله‏}‏‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏من يرث من الذكور‏]‏

والمجتمع على توريثهم من الذكور عشرة‏:‏ الابن وابنه إن نزل والأب وأبوه وإن علا والأخ من كل جهة وابن الأخ إلا من الأم والعم وابنه كذلك والزوج ومولى النعمة ومن النساء سبع‏:‏ الأم والجدة والبنت وبنت الابن والأخت والزوجة ومولاة النعمة والمختلف في توريثهم أحد عشر صنفا‏:‏ ولد البنات وولد الأخوات وبنات الإخوة وبنو الإخوة من الأم والعمات والعم من الأم والأخوال والخالات وأبو الأم وكل جدة أدلت بأب بين أمين أو بأب أعلى من الجد فهؤلاء ومن أدلى بهم يسمون ذوي الأرحام ويرثون عند عدم المجمع على توريثهم على ما سنذكره إن شاء الله في بابه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أصحاب الفروض والعصبة وذوي الأرحام‏]‏

وينقسم الوارث إلى ذوي فرض وعصبة وذوي رحم فالرجال من المجمع عليهم كلهم عصبة إلا الزوج والأخ من الأم والأب والجد من الابن والنساء المنفردات عن إخوتهن ذوات فرض إلا مولاة النعمة والأخوات من البنات والفرض جزء مقدر والعصبة يرث المال كله إذا انفرد فإن كان معه ذو فرض بدئ به والباقي للعصبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر‏]‏ متفق عليه‏.‏

وإن استغرقت الفروض المال سقط فلو خلفت المرأة زوجا وأما وإخوة لأم وإخوة لأبوين أو لأب كان للزوج النصف وللأم السدس وللإخوة للأم الثلث وسقط الباقون لأن الله فرض هذه الفروض لأهلها فوجب دفعها إليهم وجعل للعصبة الباقي ولم يبق شيء وهذه المسألة تسمى‏:‏ المشركة إذا كان الأخوة لأبوين لأن عمر شرك بين ولد الأم وولد الأبوين في الثلث وتسمى‏:‏ الحمارية لأن بعض الصحابة قال‏:‏ هب أباهم كان حمارا فما زادهم ذلك إلا قربا ويقال‏:‏ إن بعض ولد الأبوين قال‏:‏ ذلك لعمر وقد أسقطهم فشرك بينهم ومذهب علي رضي الله عنه على ما قلناه‏.‏

باب‏:‏ ذوي الفروض

وهم عشرة‏:‏ الزوجان والأبوان والجد والجدة والبنت وبنت الابن والأخت من كل جهة والأخ من الأم فأما الزوج فله النصف إذا لم يكن للميتة ولد ولا ولد ابن والربع إذا كان معه أحدهما وللزوجة والزوجات الربع مع عدم الولد وولد الابن والثمن مع أحدهما لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم‏}‏ وولد الابن ولد بدليل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا بني آدم‏}‏ و‏{‏يا بني إسرائيل‏}‏ والأربع من النساء كالواحدة لعموم اللفظ فيهن‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أحوال الأم‏]‏

فأما الأم فلها ثلاثة فروض‏:‏ الثلث إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن أو اثنان من الإخوة والأخوات لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس‏}‏ وقسنا الأخوين على الإخوة لأن كل فرض تعين بعدد كان الاثنان فيه بمنزلة الجماعة كفرض البنات والأخوات‏.‏

الفرض الثالث‏:‏ لها ثلث الباقي بعد فرض الزوجين في زوج وأبوين وامرأة وأبوين لأن عمر قضى بهذه القضية فاتبعه عثمان وابن مسعود وزيد وتسمى هاتان المسألتان‏:‏ العمريتان لقضاء عمر فيهما ولأن الفريضة جمعت الأبوين مع ذي فرض واحد فكان للأم ثلث الباقي كما لو كان معها بنت‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحال الرابع للأم‏]‏

وللأم حال رابع وهو‏:‏ إذا لاعنها زوجها ونفى ولدها وتم اللعان بينهما انتفى عنه وانقطع تعصيبه منه ولم يرثه هو ولا أحد من عصباته وترث أمه وذوو الفروض منه فروضهم والباقي لعصبته وفيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ أن عصبته عصبة أمه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر‏]‏ وأولى الرجال به أقارب أمه وعن علي أنه لما رجم المرأة دعا أولياءها فقال‏:‏ هذا ابنكم ترثونه ولا يرثكم حكاه أحمد‏.‏

والرواية الثانية‏:‏ أن أمه عصبته وإن لم تكن فعصبتها عصبته لما روى واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه‏]‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن ولأنها قامت مقام أبيه في انتسابه إليها فقامت مقامه في حيازة ميراثه فعلى هذه الرواية لو مات ابن ابن الملاعنة وخلف أمه وجدته الملاعنة لكان لأمه الثلث والباقي لجدته ويعايا بها فيقال‏:‏ جدة ورثت مع أم أكثر منها وإن خلف ابن الملاعنة أمه وأخاه وخاله فلأمه الثلث ولأخيه السدس وباقيه له لأنه عصبة أمه في إحدى الروايتين والأخرى‏:‏ الباقي للأم وإن لم يكن أخ فالباقي للخال على إحدى الروايتين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أحوال الأب‏]‏

وللأب ثلاثة أحوال‏:‏

حال‏:‏ يرث فيها بالفرض المجرد وهي مع الابن أو ابنه يرث السدس لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد‏}‏‏.‏

وحال‏:‏ يرث فيها بالتعصيب المجرد وهي مع عدم الولد لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث‏}‏ أضاف الميراث إليهما ثم خص الأم منه بالثلث دل على أن باقيه للأب‏.‏

والحال الثالث‏:‏ يجتمع له الأمران السدس بالفرض للآية والباقي بالتعصيب لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر‏]‏ وهي مع إناث الولد‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أحوال الجد‏]‏

وللجد أحوال الأب الثلاثة وإن اجتمع مع الأم أحد الزوجين فللأم الثلث كاملا وله حال رابع وهي مع الإخوة من الأبوين أو من الأب فإنه لم يسقطهم لأنهم يدلون بالأب فلم يسقطهم كأم الأب ولكنه يقاسمهم كأخ ما لم تنقصه المقاسمة من الثلث فإن نقصته منه بأن زاد الإخوة على اثنين أو الأخوات على أربعة فله الثلث والباقي لهم فإن كان معهم ذو فرض أخذ فرضه وجعل للجد الأحظ من ثلاثة أشياء المقاسمة كأخ أو ثلث الباقي لأن الفرض كالمستحق فصار الباقي كجميع المال أو سدس جميع المال لأن ولد الصلب لا يمنعونه السدس فولد الأب أولى ولا يفرض للأخوات مع الجد لأننا جعلناه كالأخ فيعصب الأخت كالأخ ولا تعول مسائله إلا في مسألة واحدة تسمى‏:‏ الأكدرية لتكديرها أصول زيد حيث أعال مسائل الجد وفرض للأخت معه وهي زوج وأم وأخت وجد فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس ثم يفرض للأخت النصف لأنه لم يبق لها شيء ولا مسقط لها ها هنا ثم يجمع سدس الجد ونصف الأخت فيقسم بينهما على ثلاثة لئلا تفضل الأخت الجد فتضرب الثلاثة في مسألة وعولها وهي تسعة صارت من سبعة وعشرين للأم ستة وللزوج تسعة وللجد ثمانية وللأخت أربعة ولو كانت أم وأخت وجد فللأم الثلث والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة أسهم وتسمى‏:‏ الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها ولو كان مكان الأخت أخ كان المال بينهم أثلاثا‏.‏

فصل‏:‏ في المعادة

ولد الأب إذا انفردوا يقومون مقام ولد الأبوين في مقاسمة الجد فإن اجتمعوا فإن ولد الأبوين يعادون الجد بولد الأب لأن من حجب بولد الأبوين وولد الأب إذا انفردوا حجب بهما إذا اجتمعا كالأم وما حصل لولد الأب أخذه منهم ولد الأبوين لأنهم أولى بالإرث منهم ولا شيء لولد الأب إلا أن يكون ولد الأبوين أختا واحدة فيردون عليها قدر فرضها والباقي لهم ولا يتفق هذا في مسألة فيها فرض إلا أن يكون الفرض السدس فإن اجتمع أخوان في الجهتين وجد اقتسموا أثلاثا ثم اخذ الأخ للأبوين ما حصل لأخيه فإن كان مكان الأخوين أختان اقتسموا أرباعا ثم أخذت الأخت للأبوين ما حصل لأختها لتستكمل النصف فإن كان مع التي من قبل الأب أخوها اقتسموا أسداسا ثم أخذت منهما تمام فرضها يبقى لهما السدس على ثلاثة وتصح في ثمانية عشر فإن كان معهم أم فلها السدس وتفعل فيما بقي كما فعلت في أصل المال فتصح في مائة وثمانية وإن شئت فرضت للجد ثلث الباقي بعد السدس ولا ثلث له فتضرب ثلاثة في ستة تكن ثمانية عشر للأم ثلاثة وللجد خمسة وللأخت النصف تسعة يبقى سهم بين الأخ وأخته على ثلاثة تضربها في ثمانية عشر تكن أربعة وخمسين وتسمى‏:‏ مختصرة زيد لاختصارها من مائة وثمانين إلى أربعة وخمسين ولو كانت‏:‏ أم وجد وأخت لأبوين وأخوان وأخت الأب لصحت في تسعين وتسمى‏:‏ تسعينية زيد لصحتها من تسعين على مذهبه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أحوال الجدة‏]‏

وللجدة السدس- وإن كثرن لم يزدن على السدس شيئا- فرضا لما روى قبيصة بن ذؤيب قال‏:‏ جاءت الجدة إلى أبي بكر تطلب ميراثها فقال‏:‏ ما لك من كتاب الله شيء وما أعلم لك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولكن ارجعي حتى أسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة‏:‏ حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس فقال‏:‏ هل معك غيرك‏؟‏ فشهد له محمد بن مسلمة فأمضاه لها أبو بكر فلما كان عمر جاءت الجدة الأخرى فقال عمر‏:‏ ما لك في كتاب الله شيء وما كان القضاء الذي قضى به إلا في غيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا ولكن هو ذاك السدس فإن اجتمعتما فهو لكما وأيكما خلت به فهو لها قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح‏.‏

ولا يرث من الجدات أكثر من ثلاث‏:‏ أم الأم وأم الأب وأم الجد ومن كان من أمهاتهن وإن علت درجتهن فلهن السدس إذا تحاذين في الدرجة لما روى سعيد بإسناده عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث ثلاث جدات ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم قال إبراهيم‏:‏ كانوا يورثون من الجدات ثلاثا وهذا يدل على أنه لا يرث أكثر من ثلاث وأجمع أهل العلم على أن أم أبي الأم لا ترث وكذلك كل جدة أدلت بأب بين أمين لأنها تدلي بغير وارث قال الشعبي‏:‏ إنما طرحت أم أبي الأم لأن أبا الأم لا يرث ولا ترث جدة تدلي بأب أعلى من الجد لأنها خرجة عن الثلاث اللاتي ورثهن النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل كلام الخرقي توريثها لأنها تدلي بوارث وإن كان بعض الجدات أقرب من بعض فالميراث لأقربهن لأن الجدات أمهات يرثن ميراث الأم وكذلك سقطن بها فإذا اقترب بعضهن أسقطت البعدى كما لو كانت القربى من جهة الأم‏.‏

وعنه‏:‏ أن القربى من جهة الأم تسقط البعدى من جهة الأب والقربى من جهة الأب لا تسقط البعدى من جهة الأم لأنها تدلي بمن لا يسقطها وهو الأب فأولى أن لا تكون هي مسقطة لها وترث الجدة وابنها حي سواء كان أبا أو جدا لما روى سعيد بن منصور بإسناده عن ابن مسعود‏:‏ أن أول جدة أطعمت السدس أم أب مع ابنها ورواه الترمذي ولفظه قال‏:‏ أول جدة أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس الجدة مع ابنها وابنها حي‏.‏

وعنه‏:‏ لا ترث لأنها تدلي به فلا ترث معه كالجد والجدات المتحاذيات‏:‏ أم أم أم وأم أم أب وأم أبي أب السدس بينهن أثلاثا فإن أدلت جدة بقرابتين وأخرى بقرابة واحدة فلذات القرابتين ثلثا السدس في قياس قول أحمد وللأخرى ثلثه لأنها شخص ذو قرابتين تورث كل واحدة منهما منفردة فإذا اجتمعا ولم يرجح بهما ورث بهما كابن العم إذا كان أخا لأم أو زوجا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أحوال البنات‏]‏

فأما البنات فلهن الثلثان وإن كثرن وللواحدة إذا انفردت النصف لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف‏}‏ وحكم البنتين حكم ما زاد عليهما لما روى جابر بن عبد الله قال‏:‏ جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما ولم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال قال‏:‏ ‏[‏يقضي الله في ذلك‏]‏ فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال‏:‏ ‏[‏أعط ابنتي سعيد الثلثين وأعط أمهما الثمن فما بقي فهو لك‏]‏ رواه أبو داود‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏بنات الابن‏]‏

وبنات الابن كبنات الصلب سواء إن لم يكن للميت ولد من صلبه للواحدة النصف وللثنتين فصاعدا الثلثان لأنهن بنات لأن كل موضع سمى الله فيه الولد دخل فيه ولد الابن وإن كان من ولد الصلب بنت واحدة فلها النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر السدس تكملة الثلثين لأن الله تعالى لم يفرض للبنات إلا الثلثين وهؤلاء بنات وقد سبقت بنت الصلب فأخذت النصف لأنها أعلى درجة منهن فكان الباقي لهن السدس ولهذا يسميه الفقهاء تكملة الثلثين وقد روى الهزيل قال‏:‏ سئل أبو موسى عن بنت وبنت ابن وأخت فقال‏:‏ للبنت النصف وللأخت النصف وائت ابن مسعود فسئل ابن مسعود- وأخبر بقول أبي موسى- فقال‏:‏ لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها ما قضى رسول الله‏:‏ للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال‏:‏ لا تسألوني ما دام هذا الخبر فيكم رواه أحمد والبخاري‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏نصيب الأخت للأبوين‏]‏

وللأخت للأبوين النصف وللبنتين فصاعدا الثلثان لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك‏}‏‏.‏

وحكم الأخوات من الأب إذا انفردن حكم الأخوات من الأبوين سواء لدخولهن في لفظ الآية‏.‏

وإن اجتمع الأخوات من الجهتين فحكم ولد الأب مع ولد الأبوين حكم بنات الابن مع بنات الصلب سواء لأنهن في معناهن‏.‏

وإن اجتمع الأخوات مع البنات صار الأخوات عصبة لهن ما فضل وليس لهن معهن فريضة مسماة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك‏}‏ فشرط في فرضها عدم الولد فاقتضى ألا يفرض لها مع وجوده ولما ذكرنا من حديث الهزيل‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أحوال ولد الأم‏]‏

فاما ولد الأم فلواحدهم السدس ذكرا كان أو أنثى وللاثنين السدسان فإن كثروا فهم شركاء في الثلث لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث‏}‏ يعني ولد الأم بإجماع أهل العلم وفي قراءة عبد الله وسعد‏:‏ وله أخ أو أخت من أم‏.‏

باب‏:‏ من يسقط من ذوي الفروض

تسقط بنات الابن بالابن ويسقطن باستكمال البنات الثلثين إلا أن يكون معهن أو أنزل منهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين وابن ابن الابن يعصب من في درجته ومن أعلى منه من عماته وبنات عم أبيه إذا لم يكن لهن فرض ولا يعصب من أنزل منه وإذا كان أربع بنات ابن بعضهن أنزل من بعض سقطت الثلاثة والرابعة لاستكمال من فرقهما الثلثين فإن كان مع الرابعة أخوها أو ابن عمها فللأولى النصف وللثانية السدس والباقي للثالثة والرابعة وأختها وأخيها بينهم على أربعة وتصح في اثني عشر وتسقط الجدات من كل جهة بالأم لأنهن يرثن من جهتها لكونهن أمهات فيسقطن بها كما يسقط الجد بالأب‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يسقط به ولد الأبوين‏]‏

ويسقط ولد الأبوين بثلاثة‏:‏ بالابن وابن الابن والأب لأن الله تعالى شرط في توريثهم عدم الولد بقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك‏}‏ فلم يجعل لهما مسمى مع الولد وإنما أخذت الفاضل عن البنات والابن لا يفضل عنه شيء فسقطن به وكذلك ابنه لأنه ابن ويسقطون بالأب لأنهم يدلون به وكل من أدلى بشخص سقط به وإلا ولد الأم والجدة من جهة الأب ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة لذلك وبالأخ مع الأبوين لما روي عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏قضى بالدين قبل الوصية‏)‏ وأن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه أخرجه الترمذي‏.‏

وتسقط الأخوات من الأب باستكمال الأخوات للأبوين الثلثين إلا أن يكون معهن أخ لهن فيعصبهن في الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين كبنات الابن مع البنات‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يسقط به ولد الأم‏]‏

ويسقط ولد الأم بأربعة‏:‏ الولد ذكرا كان أو أنثى وولد الابن والأب والجد لأن الله تعالى‏:‏ شرط في توريثهم كون الموروث كلالة بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس‏}‏ والكلالة‏:‏ من لا ولد له ولا والد من قول بعض أهل العلم وفي قول بعضهم‏:‏ هو اسم لمن عدا الولد والوالد من الوارث فيدل على أنهم لا يرثون من ولد ولا والد‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏من لم يرث لمعنى فيه‏]‏

ومن لم يرث لمعنى فيه وهو الرقيق والقاتل والمخالف في الدين لم يحجب غيره لأنه ليس بوارث فلم يحجب كالأجنبي‏.‏

باب‏:‏ أصول سهام الفرائض

المفروض المذكور في كتاب الله تعالى‏:‏ النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس وهي تخرج من سبعة أصول‏:‏ أربعة لا تعول وثلاثة تعول لأن كل فرض انفرد فأصله من مخرجه وإن اجتمع معه فرض من جنسه فأصلهما من مخرج أقلهما لأنه مخرج الكبير داخل في مخرج الصغير وإن اجتمع معه فرض من غير جنسه ضربت مخرج أحدهما من مخرج الآخر إن لم يتوافقا فمما ارتفع فهو أصل لهما أو وفق أحدهما في جميع الآخر إن توافقا فلذلك صارت الأصول سبعة النصف وحده من اثنين والثلث أو الثلثان من ثلاثة والربع وحده أو مع النصف من أربعة والثمن وحده أو مع النصف من ثمانية وهذه الأربعة التي لا تعول لأن العول فرع ازدحام الفروض ولا يوجد ذلك هنا وإن اجتمع مع الفرض من غير جنسه كالنصف يجتمع مع أحد الثلاثة السدس أو الثلث والثلثان فأصلهما من ستة لأنك إذا ضربت مخرج النصف في مخرج الثلث صار ستة ويدخل العول هذا الأصل لازدحام الفروض فيه وإن اجتمع مع الربع أحد الثلاثة فأصلها من اثني عشر لأنك إذا ضربت مخرج الربع من مخرج الثلث أو وفق مخرج السدس كانت اثنتي عشرة وإن اجتمع من الثمن سدس أو ثلثان فأصلها من أربعة وعشرين لما ذكرنا وتعول هذه الأصول الثلاثة ومعنى العول‏:‏ نقص الفروض لازدحامها وضيق المال عنها وقسمته بينهم على قدر فروضهم وطريق العمل فيها أن تأخذ لكل ذي فرض فرضه من أصل مسألته ثم تجمع السهام كلها فتقسم المال عليها فيدخل النقص على كل ذي فرض بقدر فرضه كما تضع مع الوصايا الزائدة في الثلث وفي قسمة مال المفلس على ديونه وهذا قول عامة الصحابة ألا ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أصل الستة أجزاء‏]‏

وأصل الستة يتصور عوله إلى عشرة ولا تعول إلى أكثر منها ومثال العول زوج وأخت لأبوين وأخت لأب أصلهما ستة للزوج النصف ثلاثة وللأخت للأبوين ثلاثة وللأخت للأب السدس سهم عالت على سبعة فإن كان مكان الأخت للأب أم فلها الثلث وعالت إلى ثمانية وتسمى‏:‏ مسألة المباهلة لأنها أول مسألة عائلة حدثت في زمن عمر فجمع الصحابة للمشورة فيها فقال العباس‏:‏ أرى أن يقسم المال بينهم على قدر سهامهم فأخذ به عمر واتبعه الناس في ذلك حتى خالفهم ابن عباس فقال‏:‏ من شاء باهلته إن المسائل لا تعول إن الذي أحصى رمل عالج عددا أعدل من أن يجعل في مال نصفا ونصفا وثلثا هذان نصفان‏:‏ ذهبا بالمال فأين موضع الثلث‏؟‏ زوج وأم وثلاث أخوات متفرقات عالت إلى تسعة وتسمى‏:‏ مسألة الغراء فإن كانت الأخوات ستا عالت إلى عشرة وسميت‏:‏ أم الفروخ لكثرة عولها لأنها عالت بثلثيها فشبهوا أصلها بالأم والعول بالفروخ‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أصول المسائل‏]‏

وأصل اثني عشر تعول على الأفراد إلى ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر لا تعول إلى أكثر من ذلك فتقول‏:‏ في زوج وأم وابنتين أصلها اثنا عشر وتعول إلى ثلاثة عشر فإن كان معهم الأب عالت إلى خمسة عشر ثلاث زوجات وجدتان وأربع أخوات لأم وثمان لأب عالت على سبعة عشر ولكل واحدة سهم وتسمى‏:‏ أم الأرامل وأصل أربعة وعشرين تعول إلى سبعة وعشرين ولا تعول إلى أكثر منها وتسمى النحيلة لقلة عولها سميت‏:‏ المنبرية لأن عليا سئل عنها على المنبر فقال‏:‏ صار ثمنها تسعا ومضى في خطبته يعني‏:‏ أن كان للزوجة الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين فصار لها ثلاثة من سبعة وعشرين وهي تسع‏.‏

باب‏:‏ تصحيح المسائل

إذا لم تنقسم سهام فريق من الورثة عليهم قسمة صحيحة ضربت عددهم في أصل المسألة وعولها إن عالت فما بلغ فمنه تصح إلا أن يوافق عددهم سهامهم بجزء من الأجزاء فيجزئك ضرب وفق عددهم في أصل المسألة وعولها فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من أصل المسألة مضروب في العدد الذي ضربته في المسألة وهو جزء السهم فما بلغ فهو له إن كان واحدا وإن كانوا جماعة قسمته عليهم وإن كان الكسر على فريقين أو أكثر متماثلة كثلاثة وثلاثة أجزأك ضرب أحدهما في المسألة وإن كانت متناسبة وهو‏:‏ أن ينتسب القليل إلى الكثير بجزء من أجزائه كثلاثة أو أربعة مثل ثلاثة وتسعة أجزأك ضرب أكثرها في المسألة وإن كانت متباينة كثلاثة وأربعة وخمسة ضربت بعضها في بعض فما بلغ ضربته في المسألة وإن كانت متوافقة بجزء من الأجزاء كنصف وثلث وافقت بين عددين منهما وضربت وفق أحدهما في الآخر وافقت بينه وبين الثلث وضربت وفق أحدهما في الآخر فما بلغ فهو جزء السهم يضرب في المسألة وطريق القسمة على ما ذكرنا متقدما‏.‏

باب‏:‏ الرد

وإذا لم تستغرق الفروض المال وفضلت من فضلة ولم يكن عصبة فالفاضل من ذوي الفروض مردود عليهم على قدر سهامهم لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض‏}‏ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏من ترك مالا فلورثته‏]‏ رواه أحمد وأبو داود إلا على الزوج والزوجة لأنهما ليسا من أولي الأرحام فلم يدخلوا في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض‏}‏ وهذا يروى عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم‏.‏

وعن أحمد‏:‏ أنه لا يرد مع ولد الأم مع الأم ولا على الجدة مع ذي سهم لأنه قول ابن مسعود والأول المذهب لعموم الأدلة ولأنه قول عمر وعلي وابن عباس‏.‏

وطريق العمل في الرد أن تأخذ سهام أهل الرد من أصل مسألتهم وكلها تخرج من ستة إذ ليس في الفروض ما يخرج عن الستة إلا الربع والثمن وليسا لغير الزوجين وليسا من أهل الرد فيجعل عدد سهامهم أصل مسألتهم فيقسم المال عليها وينحصر ذلك في أربعة أصول فإذا كان معك سدسان كجدة وأخ لأم فأصلهما من اثنين وإن كان ثلث وسدس كأم وأخ من أم فأصلها من ثلاثة وإن كان نصف وسدس كابنة وابنة ابن فأصلهما من أربعة وإن كان نصف وثلث كأم وأخت أو ثلثان وسدس كأختين وأم أو نصف وسدسان كثلاث أخوات متفرقات فهي في خمسة ولا تزيد أبدا على هذا لأنها لو زادت سهما لكمل المال فإن انكسر سهم فريق عليهم ضربت عددهم في عدد سهامهم لأنه أصل مسألتهم فتقول في ثلاث جدات وأخت‏:‏ هي من أربعة للجدات سهم على ثلاثة تضربها في أربعة تكن اثني عشر ومنها تصح‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن اجتمع من أهل الرد أحد الزوجين‏]‏

فإن اجتمع من أهل الرد أحد الزوجين أعطيته فرضه من أصل مسألته ثم ضربت مسألته في مسألة أهل الرد فما بلغ انتقلت إليه المسألة ثم تصحح بعد ذلك فتقول في زوجة وبنت وبنت ابن وجدة‏:‏ للزوجة الثمن من ثمانية ومسألة أهل الرد في خمسة تضربها في ثمانية تكن أربعين للزوجة الثمن خمسة يبقى خمسة وثلاثون بين أهل الرد على خمسة فإن انكسر على بعضهم ضربته في أربعين فما بلغ فمنه تصح‏.‏

باب‏:‏ ميراث العصبة من القرابة

وهم كل ذكر بينه وبين الميت أنثى وهم الأب والابن ومن أدلى بهما من الذكور فأحقهم بالميراث أقربهم ويسقط به من بعد لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر‏]‏ وأحقهم الابن وابنه وإن نزل لأن الله تعالى بدأ بهم بقوله‏:‏ ‏{‏يوصيكم الله في أولادكم‏}‏ والعرب تبدأ بالأهم فالأهم ثم الأب لأن سائر العصبات يدلون به ثم الجد أبو الأب وإن علا لأنه أب ثم بنو الأب وهم الإخوة ثم بنوهم وإن نزلوا ثم بنو الجد وهم الأعمام ثم بنوهم وإن نزلوا ثم بنو جد الأب وهم أعمام الأب ثم بنوهم وإن نزلوا وعلى هذا لا يرث بنو أب أعلى من بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم وأولى ولد كل أب أقربهم إليه فإن استوت درجتهم فأولاهم من كان لأب وأم لحديث علي وليس من فريضة يرث فيها العصبة عول ولا رد لأن العصبة يأخذ المال كله إذا انفرد ولقوله تعالى في الأخ‏:‏ ‏{‏وهو يرثها إن لم يكن لها ولد‏}‏ أضاف الميراث جميعه إليه وإن كان معه ذو فرض أخذ الباقي لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأخي سعد بن الربيع‏:‏ ‏[‏أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك‏]‏ وقوله عليه السلام‏:‏ ‏[‏فما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر‏]‏ وإن استغرقت الفروض المال سقط لأنه حقه في الباقي ولا باقي هنا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏أربعة من الذكور يعصبون أخوتهم‏]‏

وأربعة من الذكور يعصبون أخوتهم فيمنعونهن الفرض ويقتسمون ما ورثوا للذكر مثل حظ الأنثيين وهم الابن وابنه والأخ من الأبوين أو من الأب لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ ومن عدا هؤلاء من العصبة ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث كبني الإخوة والأعمام وبنيهم لأن أخواتهم من ألوي الأرحام‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏اجتماع أكثر من سبب للإرث في شخص واحد‏]‏

وإن اجتمع في شخص واحد سببان يقتضيان الإرث كزوج هو ابن عم أو ابن عم هو أخ من أم ورث بهما جميعا فإن كان ابنا عم أحدهما أخ لأم فللأخ للأم السدس والباقي بينهما نصفان وإن كانوا ثلاثة كبني عم أحدهم زوج والآخر أخ لأم فللزوج النصف وللأخ السدس والباقي بينهم أثلاثا لأن قرابة الأم يرث بها منفردة فلم يرجع بها كالزوجية‏.‏

باب‏:‏ المناسخات

إذا لم تنقسم تركة الميت الأول حتى مات بعض وراثه فصحح مسألة الأول ثم صحح مسألة الثاني وأقسم سهام الثاني من المسألة الأولى على مسألته فإن انقسمت صحت المسألتان مما صحت منه الأولى وإن لم تنقسم وافقت بين مسألتها وبين مسألته وأخذت وفق مسألته فضربته في المسألة الأولى فإن لم يتوافقا ضربت مسألته كلها بالمسألة الأولى فما بلغ فمنه تصح المسألتان فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من المسألة الأولى مضروب في الثانية أو في وفقها وكل من له شيء من الثانية مضروب في السهام التي مات عنها الثاني أو في وفقها فإن مات ثالث صححت مسألته وقسمت عليها سهامه من المسألتين فإن انقسم صحت وإلا ضربت مسألته أو وفقها فيما صحت منه الأوليان وتعمل على ما ذكرنا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن خلف الميت تركة معلومة‏]‏

فإن خلف الميت تركة معلومة فانسب سهام كل وارث من المسألة وأعطه مثل تلك النسبة من التركة فإن عز عليك ذلك فاقسم التركة على المسألة فما خرج بالقسم فاضربه في سهام كل وارث فما كان فهو نصيبه فإذا خلفت المرأة زوجا وأما وأختا وأربعين دينارا فللأم ربع المسألة فلها ربع التركة عشرة وللزوج ربع وثمن فله خمسة عشر وللأخت مثل ذلك وإن قسمت الأربعين على المسألة فلكل سهم خمسة فإذا ضربت سهام كل وارث في خمسة خرج مثل ما ذكرنا‏.‏

باب‏:‏ ميراث الغرقى ومن عمي موتهم

وإن مات متوارثان فلم يعلم أيهما مات قبل صاحبه ورث كل واحد منهما من صاحبه من تلاد ماله دون ما ورثه من اليمت معه لأن ذلك يروى عن عمر وعلي وإياس بن عبد المزني فتقول في أخوين غرقا وخلف كل واحد منهما زوجته ومولاه يقدر أن الأكبر مات أولا فلزوجته الربع والباقي لأخيه الأصغر ثم مات الأصغر عن ثلاثة أسهم فلزوجته الربع وباقيه لمولاه فتضرب أربعة في أربعة تكن ستة عشر لزوجة الأكبر أربعة ولزوجة الأصغر ثلاثة يبقى تسعة لمولى الأصغر ثم قدر أن الأصغر مات أولا فلزوجته الربع وباقيه لأخيه الأكبر ثم تعمل فيها عملك في الأولى فترث زوجة كل واحد منهما ربع مال زوجها وثمنا ونصف ثمن من مال أخيه ويرث مولى كل واحد منهما نصف مال أخي عتيقه ونصف ثمنه ولا يرث من مال عتيقه شيئا وقد روي عن أحمد‏:‏ فيما إذا ماتت امرأة وابنها وخلفت زوجا وأخا فقال زوجها‏:‏ ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها‏:‏ مات ابنها فورثته ثم ماتت فورثناها أن يحلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه ويكون ميراث الابن لأبيه وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين وذكرها الخرقي في مختصره وهذا يدل على أنه لا يرث أحدهما صاحبه بل يقسم ميراث كل واحد منهما على الأحياء من ورثته دون من مات معه لأن ذلك يروى عن أبي بكر الصديق وزيد ومعاذ وابن عباس والحسن بن علي رضوان الله عليهم ولأنه لا يعلم أن أحدهما حي حين مات صاحبه فلم يرثه كالحمل إذا سقط ميتا ولو علم خروج روحيهما معا لم يرث أحدهما صاحبه لأنه من شرط توريثه كونه حيا حين موت الآخر‏.‏

باب‏:‏ ميراث ذوي الأرحام

وقد ذكرناهم ويرثون إذا لم يكن عصبة ولا ذو فرض من أهل الرد لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله‏}‏ وقد روي عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏الخال وارث من لا وارث له‏]‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن‏.‏

وروى أبو عبيد بإسناده أن ثابت ابن الدحداح مات ولم يخلف له إلا ابنة أخ له فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه لابنة أخيه وقسنا سائرهم على هذين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏طريق التوريث‏]‏

وطريق توريثهم بالتنزيل أن تنزل كل واحد منهم منزلة من يدلي به من الوارث فتجعل بنت البنت بمنزلة البنت وبنت بنت الابن بمنزلتها وبنات الإخوة بمنزلة آبائهن وبنو الأخوات وبناتهن بمنزلة أمهاتهن والخال والخالة وأبو الأم بمنزلة الأم والعمات والعم من الأم بمنزلة الأب وعن أحمد رواية أخرى أنه‏:‏ تنزل العمة منزلة العم لأنه روي عن علي رضي الله عنه والأول أولى لما روى الإمام أحمد بإسناده عن الزهري‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏العمة بمنزلة الأب إذا لم يكن بينهما أب والخالة بمنزلة الأم إذا لم يكن بينهما أم‏]‏ ولأن الأب أقوى جهاتها فنزلت منزلته كما أن بنت الأخ تدلي بأبيها لا بأخيها وبنت العم تدلي بأبيها لا بأخيها وإذا انفرد ذو رحم ورث المال كله وإن اجتمع منهم جماعة فأدلوا بشخص واحد وكانوا في درجة واحدة فالمال بينهم على حسب مواريثهم منه فإن أسقط بعضهم بعضا كأبي الأم والأخوال أسقطت الأخوال بأبي الأم لأن الأب يسقط الأخوة وإن كان بعضهم أقرب من بعض سقط البعيد منهم كما يسقط بعيد العصبات بقريبهم وإن لم يسقط بعضهم بعضا قسمت المال بينهم على حسب مواريثهم منه فتقول في ثلاث عمات متفرقات‏:‏ المال بينهن على خمسة لأنهن أخوات الأب فكان ميراثهن كميراث ثلاث أخوات للميت متفرقات وإن كان ثلاث خالات متفرقات فكذلك لأنهن أخوات لأم فإن اجتمع ثلاث خالات متفرقات وثلاث عمات متفرقات فكذلك لأنهن أخوات لأم فإن اجتمع ثلاث خالات متفرقات وثلاث عمات متفرقات نزلت العمات أبا والخالات أما فجعلت الثلث للخالات على خمسة والباقي للعمات على خمسة فتجتزئ بإحدى الخمسين وتضربها في ثلاثة تكن خمسة عشر للخالة التي من قبل الأبوين ثلاثة أسهم وللخالة من الأب سهم وللخالة من الأم سهم وللعمة من الأبوين ستة وللعمة من الأب سهمان وللعمة من الأم سهمان وإن كان ثلاثة أخوال متفرقين فللخال من الأم السدس الباقي للخال من الأبوين كثلاثة إخوة متفرقين وإن كان أبوهم واحدا وأمهم واحدة فللذكر والأنثى سواء لأنهم يرثون بالرحم المجرد فاستوى ذكرهم وأنثاهم كولد الأم‏.‏

وعنه‏:‏ أنهم يقتسمون للذكر مثل حظ الأنثيين لأنهم فرع على ذوي الفروض والعصابات فثبت فيهم حكمهم وقال الخرقي‏:‏ يفضل الخال على الخالة دون سائر ذوي الأرحام وإن أدلى جماعة بجماعة فقسم المال بين المدلى بهم على ما توجبه الفريضة فما صار لكل وارث فهو لمن أدلى به فإن سبق بعضهم إلى الوارث فهو أحق بالمال ويسقط به البعيد إن كانا من جهة واحدة نزلت البعيد حتى يلحق بوارثه سواء سقط به القريب أو لم يسقط فتقول في بنت بنت بنت وبنت أخ لأم‏:‏ المال لبنت بنت البنت والجهات أربعة‏:‏ لأبوة والبنوة والأخوة والأمومة وإن اجتمعت بنت أخ وعمة فالمال للعمة لأنها بمنزلة أب وهو يسقط الأخ ومن نزلها عما أسقطها ببنت الأخ لأن الأخ يسقط العم وإن اجتمع بنت أخت وابن وبنت أخت أخرى فللواحدة حق أمها النصف وللأخرى وأخيها حق أمهما النصف وإن أدلى ذو رحم بقرابتين ورث بهما فتقول في بنت ابن أخ لأم هي بنت بنت أخت لأب وبنت بنت أخت الأبوين للأولى الخمسان بقرابتيها وللثانية ثلاثة أخماس لأنهما بمنزلة ثلاث أخوات متفرقات ولا يعول في مسائل الأرحام إلا واحدة وشبهها وهي‏:‏ خال وبنات ست أخوات متفرقات‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ميراث ذوي الأرحام مع ذوي الفروض والعصبات‏]‏

ولا يرث ذو رحم مع ذي فرض ولا عصبة إلا مع الزوج لأن الرد أولى والزوج لا يرد عليه فإن اجتمع معهم زوج أعطيته فرضه غير محجوب ولا معاول وقسمت الباقي بينهم كما لو انفردوا فقول في زوج وبنت بنت وبنت أخت‏:‏ للزوج النصف والباقي بينهما نصفان امرأة وابنتا بنتين وابنتا أختين للزوجة الربع ولبنتي البنتين ثلثا الباقي والباقي لبنتي الأختين‏.‏

باب‏:‏ ميراث الخنثى

وهو الذي له ذكر وفرج امرأة فيعتبر بماله لأنه قد جاء في الأثر‏:‏ يورث الخنثى من حيث يبول ولأنها أعم علاماته لأنها توجد في الصغير والكبير وقد أجرى الله العادة أن الذكر يبول من ذكره والأنثى من فرجها فاعتبر ذلك فإن بال من حيث يبول الرجل فهو ذكر وإن بال من حيث تبول المرأة فله حكم المرأة فإن بال منهما اعتبر بأسبقهما فإن خرجا في حال واحدة اعتبر كلاهما لأن الأكثر أقوى في الدلالة فإن استويا فهو مشكل فإن مات له من يرثه أعطي هو ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يبلغ فينكشف الأمر بأن يظهر فيه علامات الرجال من خروج المني من ذكره ونبات اللحية أو علامات النساء من تفلك الثدي والحيض والحمل فإن يئس من ذلك فله نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى فإن اجتمع ابن وبنت وولد وخنثى فللذكر أربعة أسهم وللخنثى ثلاثة وللبنت سهمان لأنه يحصل بهذا العمل له نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى فإن كان مكان الابن أخ أو غيره من العصبات فله السدس والباقي بين الخنثى والبنت على خمسة وقال أصحابنا‏:‏ يعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى ثم يضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا أو وفق إحداهما في الأخرى إن اتفقتا أو يجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكبرهما إن تناسبتا وتضرب ذلك في اثنين فما بلغ فمنه تصح ثم كل من له شيء من إحداهما مضروب في الأخرى أو في وفقها أو تجمع مال منهما إن تماثلتا فتعطيه إياه ففي هذه المسألة إن قدرناه ذكرا فهي من خمسة وإن قدرناه أنثى فهي في أربعة تضرب أربعة في خمسة تكن عشرين ثم في الحالين تكن أربعين فللابن اثنان من خمسة واثنان من أربعة ثمانية عشر وللبنت تسعة وللخنثى سهم في خمسة وسهمان في أربعة ثلاثة عشر لأن للابن الخمسين بيقين وذلك ستة عشر وللبنت الخمس بيقين ثمانية وللخنثى الربع بيقين عشرة فذلك أربعة وثلاثون يبقى ستة أسهم يدعيها الخنثى كلها ليتم له سهم ذكر ويدعي الابن ثلثيها ليتم له النصف والبنت تدعي ثلثها ليتم لها الربع فقسمناها بينهم على حسب دعاويهم للخنثى نصفها ثلاثة وللابن سهمان وللبنت سهم فإن كانا خنثيين نزلتهم على عدد أحوالهم فتجعل لهما أربعة أحوال في أحد الوجهين وفي الآخرين تنزلهم حالين مرة ذكورا ومرة إناثا والأول أصح لأنه يعطي كلا بحسب ما فيه من الاحتمال وعلى الطريق الثاني‏:‏ يفضي إلى حرمان من يحتمل الاستحقاق ألا ترى أنه لو اجتمع بنت وولد خنثى وولد ابن خنثى وأخ فنزلتهم حالين لم تعط ولد الابن شيئا ومن المحتمل أن يكون ذكرا وحده فيكون له الباقي بعد البنتين فعلى هذا تنزل الثلاثة ثمانية أحوال وللأربعة ستة عشر وللخمية اثنان وثلاثون حالا‏.‏

باب‏:‏ ميراث الحمل

إذا مات عن حمل يرثه فطالب بقية الورثة بالقسمة وقف نصيب ابنين ذكرين إن كان ميراث الذكور أكثر وابنتين إن كان أكثر لأن ما زاد على اثنين نادر جدا فلم يلتفت إليه كاحتمال الحمل في الآيسة ويدفع إلى كل وارث اليقين فإذا وضعت الحمل دفع إليه نصيبه ورد الفضل على من يستحقه وإن وضعته ميتا لم يرث لأننا لا نعلم أنه كان حيا حين موت موروثه وإن وضعته واستهل ورث وورث لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏إذا استهل المولولد ورث‏]‏ رواه أبو داود وظاهر كلام أحمد‏:‏ أنه لا يرث حتى يستهل وهو الصوت ببكاء أوعطاس أو نحوه لتقييده في الحديث بالمستهل ويحتمل أن يلحق بذلك كل من علمت حياته بارتضاع أو نحوه لأنه ولد حيا فأشبه المستهل فأما الحركة والاختلاج فلا تدل على الحياة فإن اللحم يختلج سيما إذا خرج من ضيق إلى سعة وإن خرج بعضه فاستهل ثم انفصل باقيه ميتا لم يرث لأنه لم تثبت له أحكام الدنيا وهو حي وإن ولدت توأمين فاستهل أحدهما أقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حكم بأنه المستهل‏.‏

ولا يرث حمل إلا أن يعلم بأنه كان موجودا حال الموت بأن تلده لأقل من ستة أشهر إن كانت ذات زوج أو لأقل من أربع سنين إن كانت بائنا‏.‏

باب‏:‏ ما يمنع الميراث

ويمنع الميراث ثلاثة أشياء‏:‏ اختلاف الدين فلا يرث مسلم كافرا ولا كافر مسلما بحال لما روى أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر‏]‏ متفق عليه‏.‏

والمرتد لا يرث أحدا لأنه ليس بمسلم فيرث المسلمين ولا يثبت له حكم الدين الذي انتقل إليه فيرث أهله ولا يرثه أحد لذلك وماله فيء‏.‏

وعنه‏:‏ يرثه ورثته من المسلمين‏.‏

وعنه‏:‏ يرثه أقاربه من أهل دينه الذي اختاره‏.‏

وعنه‏:‏ في الميراث بالولاء روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ يرث الرجل عتيقه وإن اختلف ديناهما لأن الولاء شعبة من الرق واختلاف الدين لا يمنع الرجل أخذ مال رقيقه إذا مات‏.‏

والثانية‏:‏ لا يرثه مع اختلاف الدين لعموم الخبر ولأنه نوع توارث فمنعه اختلاف الدين كغيره ولأنه مانع من الإرث فمنع الإرث بالولاء كالقتل‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏من أسلم على ميراث قبل أن يقسم‏]‏

ومن أسلم على ميراث قبل أن يقسم قسم له لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏من أسلم على شيء فهو له‏]‏ أخرجه سعيد‏.‏

وعنه‏:‏ لا يقسم له لأن المانع من الإرث وجد حين وجد السبب وهو الموت فمنع من الإرث كالرق ومن كان رقيقا حين موت موروثه فعتق بعده لم يرث لأن العتق ليس من فعله ولا هو قربة للمعتق بخلاف إسلامه ولو ملك ابن عمه فدبره فعتق بموته لم يرثه لأنه رقيق حين الموت وإن قال‏:‏ أنت حر في آخر حياتي عتق وورث لأنه حر حين الموت ويحتمل أن لا يرث لأن عتقه وصية له فيفضي إلى الوصية للوارث‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏توارث الكفار فيما بينهم‏]‏

ويرث الكفار بعضهم بعضا وإن اختلفت أديانهم في إحدى الروايتين لأن مفهوم قوله عليه السلام‏:‏ ‏[‏لا يرث مسلم كافرا ولا كافر مسلما‏]‏ أن الكفار يتوارثون‏.‏

والثانية‏:‏ لا يرث أهل ملة أخرى لما روى عبد الله بن عمرو قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا يتوارث أهل ملتين شتى‏]‏ رواه أبو داود ولأن الموالاة منقطعة بينهم فأشبه اختلافهم بالكفر والإسلام قال القاضي‏:‏ والكفر ثلاث ملل اليهودية ملة والنصرانية ملة ودين من عداهم ملة لاجتماعهم في عدم الكتاب قال‏:‏ وقياس المذهب عندي أنه لا يرث حربي ذميا ولا ذمي حربيا لأنه موالاة بينهما واحتمل أن يتوارثا لأنهما من أهل ملة واحدة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا أسلم المجوس أو تحاكموا إلى المسلمين‏]‏

وإذا أسلم المجوس أو تحاكموا إلينا ورثوا لجميع قراباتهم إذا أمكن ذلك لأنها قرابات ترث بكل واحدة منفردة ولم ترجح بها فورث بهما إذا اجتمعا كابن عم هو زوج وأخ لأم فلو تزوج مجوسي بنته فأولدها بنتا ثم مات وخلف أخا فلابنتيه الثلثان والباقي لأخيه فإن ماتت بعده الكبرى فما لها لابنتها نصفه بكونه بنتا وباقيه بكونها أختا من أب وإن ماتت الصغرى قبل الكبرى فللكبرى الثلث بكونها أما والنصف بكونها أختا وباقيه لعمها فإن كان أولدها بنتين ثم مات ثم ماتت إحدى الصغيرتين فلأختها لأبويها النصف ولأمها السدس بكونها أما والسدس بكونها أختا لأب وحجبت نفسها بنفسها والباقي لعمها ولا يرثون بنكاح ذوات المحارم ولا ما يقرون عليه إذا أسلموا لذلك لم يورث بنت المجوسي الذي تزوجها منه شيئا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الثاني من موانع الميراث‏:‏ الرق‏]‏

والثاني من الموانع الرق فلا يرث العبد قريبه ولا يورث لأنه لا ملك له فيورث وإن ملك فملكه ضعيف يرجع إلى سيده ببيعه لقوله عليه السلام‏:‏ ‏[‏من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع‏]‏ فكذلك بموته ولا يرث لأنه لو ورث شيئا لكان لسيده فيكون التوريث لسيده دونه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم المبعض‏]‏

ومن بعضه حر يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية لما روى عبد الله بن الإمام أحمد‏:‏ بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العبد يعتق بعضه‏:‏ ‏[‏يرث ويورث على قدر ما عتق منه‏]‏ ولأن هذا قول علي وابن مسعود رضي الله عنهما فينظر ماله مع الحرية الكاملة فيعطيه منه بقدر ما فيه من الحرية الكاملة ويحجب به بقدر ذلك فتقول في بنت نصفها حر وأم حرة وعم‏:‏ للبنت الربع لأنه نصف ما تستحقه بالحرية الكاملة وللأم الربع لأن حرية البنت تحجبها عن السدس فنصف حريتها يحجبها عن نصفه والباقي للعم فإن كان نصف الأم حرا فلها الثمن لأنه نصف ما تسحتقه بالحرية الكاملة والباقي للعم وإن شئت عملتها بالأحوال كمسائل الخناثى فتقول‏:‏ لو كانتا حرتين فالمسألة من ستة ولو كانت الأم وحدها حرة كانت من ثلاثة وإن كانت البنت وحدها حرة كانت من اثنين وإن كانتا رقيقتين فهي من سهم فتجزئ بالستة لأن سائر المسائل داخلة فيها وتضربها في أربعة تكن أربعة وعشرين للبنت النصف في حالين وذلك ستة وهو الربع وللأم الثلث في حال والسدس في حال وذلك ثلاثة وهو الثمن والباقي للعم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الثالث من الموانع‏:‏ قتل الموروث‏]‏

الثالث من الموانع‏:‏ قتل الموروث بغير حق يمنع القاتل ميراثه عمدا كان القتل أو خطأ لما روي عن عمر‏:‏ أنه أعطى دية ابن قتادة المذحجي لأخيه دون أبيه وكان حذفه بسيف فقتله وقال عمر‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏[‏ليس لقاتل ميراث‏]‏ رواه مالك في الموطأ ولأن توريث القاتل ربما أفضى إلى قتل الموروث استعجالا لميراثه وكل قتل يضمن بقتل أو دية أو كفارة يمنع الميراث لذلك وما لا يضمن كالقصاص والقتل في الحد لا يمنع لأنه فعل مباح فلم يمنع الميراث كغير القتل ولأن المنع في العدوان كان حسما لمادة العدوان ونفيا لقتل المحرم فلو منع هنا لكان مانعا من استيفاء الواجب أو الحق المباح استيفاؤه‏.‏

وعنه‏:‏ لا يرث العادل الباغي إذا قتله وهذا يدل على أن كل قتل يمنع الميراث لعموم الخبر والأول أظهر في المذهب‏.‏

باب‏:‏ ذكر الطلاق الذي لا يمنع الميراث

إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا لم ينقطع الميراث بينهما ما دامت في العدة سواء كان صحيحا أو مريضا لأن الرجعية زوجة وإن أبانها في صحته انقطع التوارث بينهما لزوال الزوجية التي هي سبب التوارث وكذلك إن كان في مرض غير مرض الموت لأن حكمه حكم الصحة وإن أبانها في مرض موته باختبارها بأن سألته الطلاق أو علق طلاقها على فعل لها منه بد ففعلته انقطع التوارث لزوال الزوجية بأمر لا يتهم فيه وكذلك إن علق طلاقها في صحته على شرط وجد في مرضه لم ترثه كذلك‏.‏

وعن أحمد‏:‏ أنها ترثه في هذه المسائل الثلاث لأنه طلاق في مرض موته ولو طلقها في مرضه وهي أمة أو كافرة فأسلمت أو عتقت لم ترث لأنه لا يهتم في طلاقها وإن أبانها في مرض موته على غير ذلك لم يرثها وورثته ما دامت في العدة لما روي أن عثمان ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف وكان طلقها من مرض موته فبتها واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا ولأنه قصد قصدا فاسدا في الميراث فعورض بنقيض قصده كالقاتل وهل ترثه بعد انقضاء العدة‏؟‏ فيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ ترثه لأن عثمان ورث امرأة من عبد الرحمن بعد انقضاء العدة ولأنه فار من ميراثها فورثته كالمعتدة‏.‏

والثانية‏:‏ لا ترثه لأن آثار النكاح زالت بالكلية فلم ترثه كما لو تزوجت ولأن ذلك يفضي إلى توريث أكثر من أربع نسوة بأن يتزوج أربعا بعد انقضاء عدة المطلقة وذلك غير جائز وإن تزوجت لم ترثه لأنها فعلت باختيارها فعلا ينافي زوجية الأول فلم ترثه كما لو تسببت في فسخ النكاح وهكذا لو ارتدت في عدتها أو فعلت ما ينافي نكاح الأول لم ترثه وإن ارتدت ثم أسلمت في عدتها ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ ترثه لأنها مطلقة في المرض أشبه ما لو لم ترتد‏.‏

والثاني‏:‏ لا ترثه لأنها فعلت ما ينافي النكاح أشبه ما لو تزوجت‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏إن طلق امرأة قبل الدخول فهل ترثه‏؟‏‏]‏

وإن طلق امرأة قبل الدخول فهل ترثه‏؟‏ فيه روايتان كالتي انقضت عدتها ولو قال لزوجته في صحته إذا مرضت‏:‏ فأنت طالق فحكم طلاقه حكم طلاق المريض وإن أقر في مرضه بطلاقها في صحته فحكمه حكم طلاقها في مرضه وإن علق طلاقها على فعل لا بد لها منه كالصلاة ففعلته فهو كالطلاق ابتداء وإن قال لزوجته الذمية أو الأمة وهو مريض‏:‏ إذا عتقت أو أسلمت فأنت طالق فعتقت الأمة وأسلمت الذمية فهو كطلاقه لحرة مسلمة وإن قال السيد لأمته‏:‏ أنت حرة غدا فطلق الزوج اليوم أو غدا عالما بعتق السيد ورثته لأنه متهم وإن لم يعلم لم ترثه لعدم التهمة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم لو تسببت الزوجة في فسخ نكاحها في مرضها‏]‏

ولو تسببت الزوجة في فسخ نكاحها في مرضها برضاع أو غيره بانت وورثها زوجها ولم ترثه لما ذكرنا في طلاق المرض ولو استكره رجل امرأة أبيه في مرض أبيه على فعل ينفسخ نكاحها به بانت ولم يسقط ميراثها لذلك وإن كان للمريض زوجة أخرى سقط ميراثها لأنه غير متهم في قصد توفير نصيبها عليه لرجوعه إلى الزوجة الأخرى دونه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن تزوج نساء بعضهن عقدهن فاسد لم تعلم بعينها أو طلق بعض نسائه لا بعينها أو علمها وأنسيها‏]‏

وإن تزوج نساء بعضهن عقدهن فاسد لم تعلم بعينها أو طلق بعض نسائه لا بعينها أو علمها وأنسيها أقرع بينهن فمن خرجت قرعتها بفساد العقد أو الطلاق فلا ميراث لها لأنه اشتبه المستحق بغيره فوجب المصير إلى القرعة كما لو أعتق في مرضه عبيدا لم يخرج من ثلثه إلا أحدهم‏.‏

باب‏:‏ الإقرار بمشارك في الميراث

إذا أقر جميع الورثة بمشارك لهم في الميراث ثبت نسبه وورث لأن الورثة يقومون مقام الميت في ماله وحقوقه وهذا من حقوقه وإن أقروا لمن يسقطهم كإخوة أقروا بابن ثبت نسبه وأسقطهم لأن الجميع ورثة لولا لولا الإقرار فأشبه ما لو أقروا بمشاركهم وإن أقر بعضهم لم يثبت النسب ودفع المقر إلى المقر له فضل ما في يده عن ميراثه فإذا خلف ابنين فأقر أحدهما بأخ فله ثلث ما في يده فإن أقر بأخت فلها الخمس وإن شئت ضربت مسألة الإقرار أو وفقها في مسألة الإنكار ودفعت إلى المنكر سهمه من مسألة الإنكار مضروبا في مسألة الإقرار أو وفقها وإلى المقر سهمه من مسألة الإقرار مضروبا في مسألة الإنكار أو وفقها فما فضل فهو للمقر به وإن لم يكن في يد المقر فضل فلا شيء للمقر به لأنه يقر على غيره فإن خلف ابنين فأقر أحدهما بأخوين فصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسب من اتفقا عليه فصاروا كثلاثة أقر أحدهم بأخ رابع فضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن اثني عشر للمقر سهم من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار ثلاثة وللمنكر سهم في مسألة الإقرار أربعة ثم إن أقر المتفق عليه بالمختلف فيه فله مثل سهم المقر وإن أنكر فله مثل أربعة ثم إن أقر المتفق عليه بالمختلف فيه فله مثل سهم المقر وإن أنكر فله مثل سهم المنكر والفضل للمختلف فيه وقال أبوالخطاب‏:‏ إن أقر المتفق عليه بالمختلف فيه وأنكر المختلف فيه المتفق عليه فإن المتفق عليه يأخذ من المقرين ربع ما في أيديهما ويأخذ المختلف فيه من المقر به ثلث ما في يده وتصح من ثمانية للمقر بهما سهمان وللمتفق عليه سهمان وللمقر بأخذهما ثلاثة وللمختلف فيه سهم وإن كان الوارث ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما سواء تصادقا أو تجاحدا لأن نسبهم ثبت في حال واحدة بقول الوارث الثابت النسب قبلهم ويحتمل أن لا يثبت نسبهما إذا تجاحدا لأنه لم يحصل الإقرار من جميع الورثة وإن أقر بواحد بعد الآخر ثبت نسب الأول وأعطاه نصف ما في يده ثم إن صدق الثاني بالثالث ثبت نسبه ودفعا إليه ثلث ما في أيديهما وإن أنكره الثاني لم يثبت نسبه ودفع إليه المقر ثلث ما في يده‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن أقر من أعيلت له المسألة بمن يسقط العول‏]‏

وإن أقر من أعيلت له المسألة بمن يسقط العول كزوج وأم وأخت فأقرت الأخت بأخ لها فضرب وفق مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن اثنين وسبعين للأم ربعها ثمانية عشر وللزوج ربعها وثمنها سبعة وعشرون وللأخت سهمان في مسألة الإقرار في نصف مسألة الإنكار وهي ثمانية يبقى تسع عشر يدعي المقر له منهما ستة عشر فإن مضى الزوج على الإنكار أخذ الأخ ستة عشر وبقيت ثلاثة يقران بها للزوج وهو ينكرها ففيها ثلاثة أوجه‏:‏

أحدها‏:‏ يدفع إلى بيت المال لأنه مال لا يدعيه أحد فهو كالمال الضائع‏.‏

والثاني‏:‏ يقر في يد الأخت‏.‏

والثالث‏:‏ يترك حتى يصطلحا عليهما لأنها لا تعدوهما فقال جهلنا مستحقها منهما وإن أقر الزوج بالأخ فهو يدعي تمام النصف تسعة والأخ يدعي ستة عشر فالجميع خمس وعشرون والمقر به من السهام تسعة عشر لا تنقسم إلى خمسة وعشرين فاضرب خمسة وعشرين من أصل المسألة ثم كل من له شيء من أصل المسألة مضروب في خمسة وعشرين ومن له شيء من خمسة وعشرين مضروب في تسعة عشر وعلى هذا تعمل ما ورد عليك من هذا‏.‏

باب‏:‏ ميراث المفقود

إذا غاب الإنسان وخفي خبره وغالب سفره السلامة كالتاجر والسائح انتظر به تمام تسعين سنة من يوم ولد في أشهر الروايتين وفي الأخرى‏:‏ ينتظر به أبدا أو يرجع إلى اجتهاد الحاكم في تقدير المدة وإن كان غالب سفره الهلاك كالذي يفقد بين أهله أو يفقد في طريق الحج فإنه ينتظر في تمام أربع سنين لأنها أكثر مدة الحمل وتعتد زوجته عدة الوفاة وتحل للأزواج قال أحمد‏:‏ إذا أمرت زوجته أن تتزوج قسمت ميراثه وقد روي عن التوقف وقال‏:‏ قد هبت الجواب فيها وكأني أحب السلامة والأول المذهب فإن مات للمفقود من يرثه في مدة غيبته دفع إلى كل وارث اليقين ووقف نصيب المفقود فإن بان حيا دفع إليه وإن بان ميتا حين موت مورثه رد على من يستحقه وكذلك إن كانت المدة قد مضت وإن لم تكن مضت ولم يتبين أمره فحكم نصيبه في الميراث حكم حكم سائر ماله يقسم على ورثته إذا مضت المدة لأنه محكوم بحياته ويجوز أن يصطلحوا على الفاضل من نصيب المفقود في الموقف لأنه حقهم ولا يجوز أن يصطلحوا على نصيب المفقود والله أعلم‏.‏

باب‏:‏ الولاء

ومن أعتق مملوكا ثبت عليه الولاء لما روت عائشة‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏إنما الولاء لمن أعتق‏]‏ متفق عليه فإن عتق عليه بتدبير أو كتابة أو استيلاد أو قرابة أو بيعه عبده نفسه أو أعتقه عنه غيره بإذنه فله عليه الولاء لأنه عتق عليه فأشبه ما لو باشر عتقه وسواء أدى المكاتب إلى السيد أو إلى ورثته لأن عتقه بكتابته وهي من سيده فأما إن أعتق عبده عن ميت أو حي بغير أمره فالولاء للمعتق للخبر ولأنه أعتقه بغير إذن الآخر فكان ولاؤه للمعتق كما لو لم ينو ولو قال‏:‏ أعتق عبدك عني وعلي ثمنه ففعل فالولاء للمعتق عنه لأنه نائب عنه في العتق فهو كالوكيل ولو قال‏:‏ أعتقه والثمن علي ففعل فالولاء للمعتق لأنه لم يعتقه من غيره فأشبه ما لو لم يجعل له جعلا وإن قال‏:‏ اعتقه عني ولم يذكر عوضا ففيه روايتان‏:‏

أحداهما‏:‏ ولاؤه للمععتق للخبر‏.‏

والثانية‏:‏ للمعتق عليه لأنه أعتقه عنه بأمره فأشبه ما لو كان بعوض‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم من أعتق عبده سائبة ونحو ذلك‏]‏

ومن أعتق عبده سائبة أو قال‏:‏ أعتقتك ولا ولاء لي عليك أو أعتقه من زكاته أو كفارته أو نذره ففيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ له عليه الولاء لعموم الخبر‏.‏

والثانية‏:‏ لا ولاء عليه لأنه جعل ولاءه من السائبة فصح كرقه وفي سائر الصور العتق بمال لا يستحقه فلم يكن له ولاء كالوكيل فعلى هذه الرواية ما رجع من ولائهم يرد في مثلهم ويكون حكم ولائهم كحكم ولاء الأولين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن أعتق مسلم كافرا أو كافر مسلما‏]‏

وإن أعتق مسلم كافرا أو كافر مسلما ثبت له الولاء للخبر وهل يرث به‏؟‏ فيه روايتان ذكرناهما فإن قلنا‏:‏ لا يرث وكان للمعتق عصبة على دين المعتق ورثه لأنه يرثه لو كان المعتق ميتا وكذلك إذا كان ممنوعا من ميراثه وإن أسلم الكافر منهما ورث المولى كما لو أسلم القريب الكافر وورثه قريبه المسلم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏بيع الولاء وهبته‏]‏

ولا يجوز بيع الولاء ولا هبته لما روى ابن عمر قال‏:‏ ‏(‏نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته‏)‏ متفق عليه ولأن الولاء كالنسب بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏الولاء لحمة كلحمة النسب‏]‏‏.‏

باب‏:‏ الميراث بالولاء

إذا مات المعتق ولم يخلف وارثا من نسبه ورثه مولاه وإن خلف ذا فرض فللمولى ما فضل عنه لما روى عبد الله بن شداد قال‏:‏ أعتقت ابنة حمزة مولى لها فمات وترك ابنته وابنة حمزة فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف وابنة حمزة النصف رواه النسائي وابن ماجة‏.‏

ولا يرث المولى مع عصبة من النسب لأنه فرع على النسب فلا يرث مع وجوده وإن مات العبد بعد موت مولاه ورثه أرب عصبة مولاه دون ذوي الفروض لأن الولاء كالنسب والنسب إلى العصبات ولأنه كنسب المولى من أخ أو عم فيرثه ابن المولى دون ابنته كما يرث عمه ويقدم الأقرب فالأقرب من العصبات لما روى سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏المولى أخ في الدين وولي النعمة يرثه أولى الناس بالمعتق‏]‏ ولأن عصبات الميت يرث منهم الأقرب فالأقرب فكذلك عصبات المولى ولا يرث الناس من الولاء إلا ما أعتق أو أعتق من اعتقن وعن أبي عبد الله رواية أخرى في بنت المعتق خاصة‏:‏ أنها ترث لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ورث بنت حمزة من الذي أعتقه حمزة والصحيح أنها لا ترث وأنها هي المعتقة للمولى كما روى عبد الله بن شداد فيما تقدم ولا يرث منه ذو فرض إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن وابنه لأنهما عصبة فيقسم بينهما كما يقسم مال المعتق بينهما فإن اجتمع الجد والأخ أو الإخوة قسم بينهما كما يقسم ميراث المعتق ولا يعتد بالأخوات لأنهن لا يرثن منفردات ويقدم الأخ للأبوين على الأخ للأب ويعاد الأخ للأبوين الجد بالأخ للأب لأنه يرث منفردا ثم الأقرب فالأقرب فإذا انقرض عصبات المولى من النسب فلمولاه إن كان ذا مولى ثم لأقرب عصباته ولو اشترى رجل وأخته أباهما أو أخاهما فعتق عليهما ثم اشترى عبدا فأعتقه ثم مات أبوهما أو أخوهما ثم مات عتيقه فميراثه للرجل دون أخته لأنه يرثه بنسبه من معتقه ولا ترث النساء من الولاء بالنسبة شيئا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا مات رجل عن ابنين ومولى فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات المولى‏]‏

وإذا مات رجل عن ابنين ومولى فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات المولى فالميراث لابن المولى لأن الولاء للكبر ومعناه أنه يرث به أقرب الناس إلى سيده يوم موت العبد وذلك لأن الولاء لحمة كالحمة النسب لا يورث وإنما يورث به مع بقائه للمولى فوجب أن يكون للكبر لأنه أقرب ولو مات المعتق وخلف ابنين ومولى ومات أحدهما وخلف ابنا ومات الآخر وخلف تسعة ثم مات المولى كان الولاء بينهم على عددهم لكل واحد منهم عشرة لما ذكرنا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا تزوج عبد معتقة قوم فأولدها‏]‏

وإذا تزوج عبد معتقة قوم فأولدها فولاء الولد المولى أمه لأن الحرية حصلت له بإعتاق الأم والإنعام عليها فإن أعتق سيد العبد عبده أنجز ولاء الولد عن مولى الأم إلى مولى العبد لما روي عن الزبير أنه رأى بخيبر فتية لعسا فأعجبه ظرفهم وجمالهم فسأل عنهم فقيل له‏:‏ موالي لرافع بن خديج وأبوهم مملوك لآل الحرقة فاشترى الزبير أباهم فأعتقه وقال لأولاده‏:‏ انتسبوا لي فإن ولاءكم لي فقال رافع بن خديج‏:‏ الولاء لي لأنهم عتقوا بعتقي أمهم فاحتكموا إلى عثمان فقضى بالولاء للزبير فأجمعت الصحابة عليه ولأن الولاء فرع النسب والنسب معتبر بالأب وإنما ثبت لمولى الأم لعدم الولاء من جهة الأب فإذا ثبت الولاء على الأب عاد الولاء إلى موضعه كولد الملاعنة إذا اعترف به الزوج وإن أعتق الجد لم ينجز الولاء‏.‏

وعنه‏:‏ ينجز والأول المذهب لأن الأصل بقاء الولاء لمن ثبت له وإنما خولف هذا الأصل في الأب لإجماع الصحابة عليه فيبقى فيمن عداه على الأصل‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن تزوج عبد أمة فأولدها فأعتقها سيدها وولدها‏]‏

وإن تزوج عبد أمة فأولدها فأعتقها سيدها وولدها ثبت له الولاء عليهم فإن عتق الأب بعد ذلك لم ينجز الولاء لأن الولاء ثبت على الولد بالمباشرة فكان المنعم عليه بالمباشرة أولى من المنعم عليه أبيه وإذا تزوج حر الأصل بمولاة أو تزوج عبد أو مولى بحرة الأصل فلا ولاء على ولدهم بحال وإن تزوج مولى بمولاة فولاء ولدهما لسيد الأب لأن الاستدامة أقوى من الابتداء ثم ابتداء الحرية في الأب يسقط استدامة الولاء لمولى الأم فلأن يمنع ابتداء الولاء له أولى‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا تزوج عبد معتقة قوم فأولدها ولدا فاشترى الولد أباه‏]‏

وإذا تزوج عبد معتقة قوم فأولدها ولدا فاشترى الولد أباه ثبت له ولاؤه وولاء أولاده ويبقى ولاء المعتق لمولى أبيه لأنه لا يمكن أن يجر ولاء نفسه لاستحالة ثبوت ولاء الإنسان على نفسه كما يستحيل أن يكون أبا نفسه وإن لم يشتر أباه لكن اشترى عبدا فأعتقه ثم اشترى هذا العبد أبا سيده فأعتقه فإنه ينجر إليه ولاء سيده ويصير كل واحد منهما مولى صاحبه من فوق ومن أسفل ويصير هذا كحربي أعتق عبدا فأسلم وأسر سيده ثم أعتقه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم لو تزوج عبد معتقة فأولدها بنتين فاشتريا أباهما‏]‏

ولو تزوج عبد معتقة فأولدها بنتين فاشتريا أباهما عتق عليهما ولهما عليه الولاء وتجر كل واحدة منهما إلى نفسها نصف ولاء أختها لإعتاقها نصف الأب ويبقى نصف ولاء كل واحد منهما لمولى أمها فإن مات الأب فماله لهما ثلثاه بالبنوة وباقيه بالولاء فإن ماتت إحداهما بعده فلأختها نصف مالها بالنسب ونصف الباقي بكونها مولاة نصفها ويبقى الربع لمولى أمها وإن ماتت إحداهما قبل الأب فمالها لأبيها بالنسب فإن مات الأب بعدها فللباقية نصف ميراث أبيها بالنسب ونصف الباقي بالولاء يبقى الربع لموالي الميتة وهم أختها وموالي أمها لأخيها نصفه وهو الثمن صار لها سبعة أثمان المال ولموالي أم الميتة الثمن فإذا ماتت هذه بعدهما فنصف مالها لموالي أمها بالولاء ونصفه لموالي أختها الميتة وهم أختها وموالي أمها فيكون الربع لموالي أمها والربع الباقي يرجع إلى هذه الميتة فهذا الجزء دائر لأنه خرج من هذه وعاد إليها فقال القاضي‏:‏ يجعل في بيت المال لأنه لا مستحق له وإن مات الأب معد موتهما فلموالي أمهما ثلاثة أرباع ماله وربع دائر يرجع إلى بيت المال وذكر أبو عبد الله الرقي‏:‏ أن قياس قول أحمد‏:‏ أن هذا السهم يرد إلى موالي الأم فعلى هذا يكون جميع الميراث لموالي الأم‏.‏